ذكر ابن كثير في تاريخه أن رجلا من ضعفاء الناس كان له على أحد الأمراء مال كثير ،،، فماطله ومنعه حقه ،،، وكلما طالبه به أذآه وأمر غلمانه بضربه،،، فاشتكاه الى قائد الجند فما زاده ذلك الا منعا وجحودا،،،
قال هذا الرجل المسكين:
فلما رأيت ذلك ،، يأست من المال الذي عليه ودخلني غم منجهته . . فبينما أنا كذلك وأنا حائر الى من اشتكي..
إإذا قال لي رجل : ألا تأتي فلانا الخياط امام المسجد؟
فقلت : ماعسى أن يفعل خياط من هذا الظالم؟ وأعيان الدولة لم يقطعوا فيه؟؟
فقال : الخياط هو أقطع وأخوف عنده من جميع من اشتكيت اليه... فاذهب لعلك ان تجد عنده فرجا..
قال: فقصدته غير محتفل في أمره ,, فذكرت له حاجتي ومالي وما لقيت من هذا الظالم ... فقام وأقفل دكانه ،، ومضى يمشي بجانبي حتى وصل بيت الرجل وطرقنا الباب ,,, ففتح الباب الرجل مغضبا ,,, فلما رأى الخياط فزع وأكرمه واحترمه
فقال له الخياط :أعط هذا الضعيف حقه..
فأنكر الرجل وقال ليس له عندي شيء
فصاح به الخياط وقال ادفع الى هذا الرجل حقه والا أذنت،،،
فتغير لون الرجل ودفع لي حقي كاملاً!!
ثم انصرفنا...
وانا في اشد العجب من هذا الخياط,, مع رثالة حاله وضعف بنيته ,, كيف انقاد هذا الكبير له؟
ثم اني عرضت عليه شيئا من المال فلم يقبل ..
وقال: لو أردت هذا لكان لي من المال مالا يحصى..
فسألته عن خبره وذكرت له تعجبي منه فلم يلتفت الي.. فألححت عليه
وقلت : لماذا هددته بأن تؤذن؟
قال: ان سبب ذلك انه كان عندنا قبل سنين في جوارنا أمير تركي من أعالي الدولة وهو شاب حسن جميل .. فمرت به ليلة إمرأة حسناء قد خرجت من الحمام وعليها ثياب مرتفعة ذات قيمة...
فقام اليها وهو سكران فتعلق بها يريدها على نفسها ليدخلها منزله .. وهي تأبى عليه وتصيح بأعلى صوتها وتقول : أنا امرأة متزوجة وهذا رجل يريدني عن نفسي ويدخلني منزله ومتى بت ها هنا طلقت منه ولحقني عار ومذلة لاتغسلها الايام..
قال الخياط: فقمت اليه فانكرت عليه واردت خلاص المرأة من بين يديه فضربني ضربا شديدا بسكين في يده فشج رأسي وأسال دمي .. وغلب المرأة عن نفسها فأدخلها منزله قهرا..فرجعت وغسلت الدم عني وعصبت راسي وصحت بالناس وقلت: ..ان هذا قد فعل ما علمتم فقوموا معي اليه لننكر عليه ونخلص المراة منه.. فقام الناس معي فهجمنا عليه في داره فثار الينا في جماعة من غلمانه بايديهم العصي والسكاكين وقصدني هو من بينهم فضربني ضربا شديدا مبرحا حتى أدماني..
زخرجنا من منزله ونحن في غاية الذل والاهانه..
فرجعت الى منزلي وأنا لاأهتدي الى الطريق من شدة الوجع وكثرة الدماء..
فنمت على فراشي فلم يأخذني النوم وتحيرت ماذا أفعل حتى انقذ المرأة؟؟
فألهمت أن أؤذن للصبح في الليل لكي يظن ان الصبح قد طلع فيخرجها من منزله..
فصعدت المناره وبدأت أؤذن وارفع صوتي..
وجعلت أنظر الى باب داره هل ارى المراة خرجت؟؟
ثم أكملت الأذان فلم تخرج ثم عزمت أن أقيم الصلاة حتى يتحقق الخبيث ان الصبح قد طلع فيخرجها من منزله..
فبينا انا أنظر هل تخرج المرأة أم لا ؟...اذا امتلأت الطريق فرسانا ورجالا..
وهم يقولون: أين الذي أذن هذه الساعة ؟ وينظرون الى المنارة
فصحت بهم : أنا الذي أذنت وأريد أن يعينوني عليه..
فقالوا :انزل ..فنزلت فقالوا: أجب الخليفة ... ففزعت
وسألتم بالله ان يسمعوا القصة فأبوا.. وساقوني امامهم وانا لاأملك شيئا حتى أدخلوني على الخليفة.. فلما رأيته جالسا في مقام الخلافة ارتعدت..وفزعت فزعا شديدا
فقال: ليسكن روعك وليهدأقلبك ومازال يلاطفني حتى اطأنت نفسي،،
فقال: انت الذي أذنت في هذه الساعة؟
فقلت: نعم يأمير المؤمنين..
فقال : ماحملك على أن أذنت هذه الساعة؟ وقد بقي من الليل أكثر مما مضى؟ فتغر بذلك الصائم والمسافر والمصلي وتفسد على النساء صلاتهن..
فقلت: يؤمنني أمير المؤمنين حتى أقص عليه خبري؟
فقال: أنت آمن ..فذكرت له القصة فغضب غضبا شديدا
وأمر بإحضار ذلك الرجل والمرأة فأحضرا سريعا..
فبعث المرأة الى بيت زوجها مع نسوة من جهته ثقات ..ثم أقبل على ذلك الرجل فقال له: كم لك من الرزق وكم عندك من المال وكم عندك من الجواري والزوجات؟
فذكر له شيئا كثيرا
فقال له: ويحك أما كفاك ما أنعم الله عليك حتى انتهكت حرمة الله وتعديت على حدوده وتجرات على السلطان؟
وما كفاك ذلك حتى عمدت الى رجل امرك بالمعروف ونهاك عن منكر فضربته واهنته وأدميته
فلم يكن له جواب..
فأمر به فجعل في رجله قيد وفي عنقه غل ثم أمر به فأدخل في كيس وهذا الرجل يصيح ويستغيث ويعلن التوبه والانابه والخليفة لايلتفت له..
ثم أمر الخليفة به فضرب بالسكاكين ضربا شديدا حتى خمد..
ثم أمر به فألقي في دجلة فكان ذلك آخر العهد..
ثم أمر الخليفة صاحب الشرطة أن يحتاط على مافي داره من الاموال التي كان يتناولها من بيت المال..
ثم قال لي: كلما رأيت منكرا صغيرا او كبيرا فأعلمني فغن اتفق اجتماعك بي وإلا فعلامة بيني وبينك الاذان.. فأذن في اي وقت
فقلت : جزاك الله خير ثم خرجت..
ولهذا لاأمر أحد من هؤلاء بشيء الا امتثلوه وما احتجت ان أؤذن في مثل تلك الساعة الى الان ولله الحمد
وأخــــــــيرا:
أتمنى أخذ العبرة من القصة بأن لاتظلم أحدا مهما كانت قدرتك عليه فكل قوي ظالم يسلط الله عليه من هو أقوى منه...
واجتهد بالنهي عن المنكر وتأكد أن الله معك سينصرك ولو بعد حين.. أختكم// قنــــــــــــآآآآصة
شكرا 
الموقع
